قد يتعلق القلب بالذنب.. يتعلق بإمرأة.. بسيجارة.. بمال.. بحب النفس.. أو
عبادة اللذات.. يتعلق بشيء من الذنوب والمعاصي.. والقلب إذا تعلق بشيء
عز اقتلاعه منه. اذن فكيف نعالج تعلق القلب بالذنب ؟
1- نسيان الذنب :
أن تنسى ذنبك.. ففي بعض الأوقات قد يفيد تذكر الذنب لينكسر القلب بين يدي
الله إذا رأى العبد من نفسه عجبا أو كبرا.. فإذا تذكر ذنبه ذل لله..
و لكن ينتبه .. أنه إذا رأى من نفسه أنها إذا تذكرت سابق ذنبها تهيج خواطرها
للعودة للمعصية فلينس ذنبه.. فلكل نفس ما يصلحها.. و قد يكون فيما يصلح غيرها
ما يفسدها هي.. و كلّ أعلم بنفسه و أحوالها و إن غلبه الشيطان فأنساه..
نعم نقول ينسى ذنبه إذا رأى من نفسه توقا إليه.. و في هذا يقول بعض السلف
:" إنّك حال المعصية كنت في حالة جفاء مع الله سبحانه و تعالى.. اما بعد التوبة
فقد أصبحت في حالة صفاء مع الله عز وجل.. و إنّ ذكر الجفاء في وقت الصفاء جفاء".
لذا.. انس ذنبك.. و لا تفكر فيه.. حتى لا تهيج في قلبك لواعج المعصية.. أو تتذكر حلاوة مواقعة الذنب.
2- هجر أماكن المعصية:
أن تهجر مكان المعصية تماما.. لا تعد إليه.. انظر الى قيس المجنون و هو يقول :
أمر بالديار ديار ليلى فألثم ذا الجدار وذا الجدار
و ما حب الديار شغفني و لكن حب من سكن الديار
إنّ البكاء على الأطلال سمة من تعلقت قلوبهم بغير الله.. فمن كان يعرف امرأة
وتاب الله عليه.. إذا مشى في الطريق يتذكرها و يستعيد في مخيلته أيام المعاصي.
. فقل له: ستعود يا مخذول.. لذا إذا أردت المحافظة على توبتك فاهجر المكان..
لا تعد إليه مرة أخرى.. لا تمر به.. و إذا مررت به فاذكر نعمة الله عليك و قل
الحمد لله الذي عافاني.. فغيرك ما زال يسير في طريق الهوى.. لا يستطيع منه فكاكا
.. و ابك.. و ابك على معاصيك.. و تذكر قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تدخلوا على
هؤلاء المعذبين إلا ان تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم.. لا يصيبكم ما أصابهم".
أخرجه البخاري( 433) كتاب الصلاة، (3380) كتاب أحاديث الأنبياء، (4419) كتاب المغازي).
فالذي يريد النجاة لا يسكن في أرض موبوءة فإن ميكروب المرض لا بد أن يصيبه.. فكيف
لتائب من الربا أن تحسن توبته و هو لا يكف عن تتبع أخبار الفائدة و مصادقة المرابين
و زيارتهم في أعمالهم.. وكيف لتائب من التدخين أن يستمر على التوبة و هو لا
يجالس إلا المدخنين.. فلا ينهاهم و لا يفارق مجالسهم..
لا بد من هجر أماكن المعصية.. و هذا ما قاله صلى الله عليه وسلم عندما مروا بديار ثمود..
3- تغيير الرفقة :
و ذلك بالالتصاق بالصالحين.. و من تذكرك رؤيتهم بـ الله تعالى.. و تعينك صحبتهم على طاعة الله .
4- استشعار لذة الطاعة :
اللهم أذقنا برد عفوك.. و لذة عبادتك.. و حلاوة الايمان بك..
استشعار لذة العبادة.. لماذا ؟.. لأنك إذا استشعرت لذة العبادة فإنك تستعيض بها
عن لذة المعصية.. إن للمعصية و لا شك للغافل لذة و لسقيم القلب متعة.. و لكن
إذا استشعر لذة العبادة.. إذا سجد فتمتّع و استشعر لذة القرب من الله و عرف
حب الله.. و علم لطف الله تعالى بعباده.. علم كرمه وجوده..
فإذا استشعر كل هذا فاض قلبه بالإيمان و زاد.. و كلما خطر له خاطر المعصية
هرع الى الصلاة.. و إذا استشعر لذة تلاوة القرآن.. لذة مخاطبة الله له.. مخاطبة
ملك الملوك له.. رب الأرباب.. القاهر المهيمن.. حين تستشعر لذة العبادة تحتقر لذة المعصية تستقذرها..
5- الانشغال الدائم :
إن الفراغ و الشباب و الجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
اعمل فإنك إن لم تشغل قلبك بالحق شغلك بالباطل.. ابدأ بحفظ القرآن.. احفظ السنّة.. تعلم
الفقه.. تعلم العقيدة.. اقرأ سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.. انظر في سير السلف
الأوائل.. ابدأ العمل في الدعوة.. تحرّك لنصرة دين الله.. ساعد الفقراء.. إرع المساكين..
علّم الأطفال.. انشغل فهذا الانشغال يقطع تعلق قلبك بالذنب .
6- صدق الندم واستقباح الذنب :
أن تصدق في الندم على ما فات.. فيعافيك الله مما هو آت.. أصدق الله يصدقك.. أصدق
في الندم.. و استقباح الذنب.. بأن تعتقد قذارة المعصية.. فلا تعود اليها.. و يعينك الله على الثبات بعيدا عنها .
7- تأمل أحوال الصالحين :
قيل لبعض السلف: هل يستشعر العاصي لذة العبادة..؟؟ قال لا و الله و لا منّ وهمّ ..
حين تتأمل أحوال الصالحين و تتأمل ـ مثلا ـ حال معاذ بن جبل عندما أصابه الطاعون فقال
لغلامه: أنظر هل أصبحنا..؟.. قال: لا.. بعد.. فقال: أعوذ بـ الله من ليلة صاحبها الى النار..؟؟
انظر من القائل..؟؟ إنه معاذ بن جبل..!! إنه يخشى النار..!! فماذا تقول أنت..؟؟
و اعجبا لخوف عمر مع عمله وعدله.. و لأمنك مع معصيتك و ظلمك..
8- قصر الأمل ودوام ذكر الموت :
إنّ الذي يذكر الموت بصفة دائمة يخشى أن يفاجأه الموت.. فيلقى الله على معصيته... فيلقيه
الله في النار و لا يبالي.. قال الحسن:" أخشى ان يكون قد اطلع على بعض ذنوبي
فقال: اذهب فلا غفرت لك". قال الحسن:" اخشى و الله أن يلقيني في النار و لا يبالي".
أول ما يجب عليك فعله هو أن تخلص قلبك من الذنب كما قال إبن الجوزي:
" دبّر لنفسك أنّك إذا اشتبك ثوبك في مسمار.. رجعت الى الخلف لتخلصه..
و هذا مسمار الذنب قد علق في قلبك أفلا تنزعه.. انزعه و لا تدعه في قلبك
يغدو عليك الشيطان و يروح.. اقلع الذنب من قلبك .. اللهم طهّر قلوبنا ..
9- تعويد النفس على فعل الحسنات و الإكثار منها :
عوّد نفسك على الإكثار من الحسنات إنّ الحسنات يذهبن السيئات.. و الماء
الطاهر إذا ورد على الماء النجس يطهره قال صلى الله عليه وسلم:
" و أتبع الحسنة السيئة تمحها" أخرجه الترمذي (1987) كتاب البر والصلة،
و الامام أحمد في مسنده ( 20847)، و (20894).